مع زيادة الإقبال على الاستثمار في بورصة العملات الرقمية؛ يزداد أيضا عدد الأشخاص الذين يرغبون في خوض تلك التجربة ولكن ما يمنعهم هو عدم معرفتهم حكم التجارة في العملات الرقمية المشفرة، خاصة مع وجود العديد من الآراء المتضاربة، ووجود حالة من عدم الاتفاق على حكم واحد لهذا النوع من التجارة، فالبحث عن شرعية مصادر الربح هو من أهم ما يحرص عليه المستثمرون في دول الشرق الأوسط في ظل وجود العديد من المحاذير التي تحرم بعض أنواع الاستثمار في البورصة.
محتويات
نصائح التجارة في العملات الرقمية
إليكم أهم النصائح التي وردت عن الخبراء في مجال تداول العملات الرقمية، والتي يمكن أن تساعد في تجنب الوقوع في فخ الربح اللحظي أو الخسائر، والتي يجب على كل مبتدئ معرفتها بعد التعرف على حكم التجارة في العملات الرقمية:
- قبل اختيار أي عملة للتداول لابد من التعرف على قصة ظهورها، وعدد المستثمرين فيها، وقيمتها السوقية، وحجم التقلبات التي تتعرض لها، فبعض العملات الرقمية الموجودة في الأسواق قد تكون مزيفة أو مجرد وسيلة للاحتيال.
- الابتعاد عن العملات التي تثير الجدل في سوق الكريبتو، ولا تتسرع في شرائها، فغالبا ما تكون مجرد فقاعة رقمية وسوف تنفجر في أسرع وقت وتؤدي إلى خسائر فادحة.
- تجنب شراء أي عملة رقمية لمجرد أنها رخيصة جدا، فقد تكون بلا قيمة حقيقية ولا جدوى من الاستثمار بها.
- السعي للاستثمار في العملات المشفرة التي تتسم بالاستقرار، مع العلم أنه ليس بالضرورة أن تكون العملات الرقمية المستقرة مرتفعة القيمة السعرية.
- لابد من التحلي بالقدرة على تحمل المخاطر وتقبل الخسائر قبل البحث عن الربح، لذلك إن لم تكن مستعدا لهذا تراجع فورا عن بدء التداول.
- التنوع في الاستثمار بأكثر من عملة رقمية، وعدم الاعتماد على عملة معينة واحدة، وذلك لأن التقلبات السعرية هي من أهم سمات العملات الرقمية، ولذلك فإن التنوع في الاستثمار في عملات مختلفة يضمن تحقيق الربح من إحداها أو جميعها.
- تجنب المضاربة اليومية خاصة لمن لا يمتلك الخبرة الكافية للقيام بذلك، حيث أن الأمر يتطلب الكثير من المهارة وفهم آليات التداول اليومي، لذلك فإن الاستثمار طويل المدى يضمن تحقيق أرباحاً أفضل.
- الابتعاد عن اللحاق بالركب حين يكون الاتجاه نحو شراء عملة معينة، فغالبا ما تكون النتيجة غير مرضية.
حكم التجارة في العملات الرقمية
العملات الرقمية المشفرة لا تخضع إلى أي سلطة أو رقابة حكومية، كما لا تفرض أي رسوم أو عمولات على المعاملات المالية التي تتم باستخدامها، وقد ظهرت أول عملة رقمية عام 2009م على يد شخص يدعى ساتوشي ناكاموتو، والذي أنشأها بهدف استخدامها كبديل للعملات الرقمية في عمليات الدفع التي تتم في المعاملات المالية الإلكترونية.
العملات الرقمية المشفرة هي مجرد أشكال أو أرقام إلكترونية تم برمجتها من قبل بعض الأشخاص باستخدام أجهزة الحاسب الآلي، فهي ليس لها أي وجود مادي ملموس، وليس لها أي تكلفة إلا مجرد الكهرباء المستخدمة في تشغيل أجهزة الحاسوب، ومن أهم الفروق بينها وبين العملات الورقية أن الورقية تصدر عن طريق البنوك المركزية في كل دولة، بناءً على ذلك فقد اختلف العلماء في تحديد حكم التجارة في العملات الرقمية، وانقسم الحكم إلى فريقين، وهما الاجتهاد الفقهي والنظر الاجتهادي.
أولا: الاجتهاد الفقهي
اختلفت الاتجاهات الفقهية في عصرنا الحديث على تحديد حكم التجارة في العملات الرقمية المشفرة. فقد انقسمت إلى ثلاثة اتجاهات على النحو الأول:
- الاتجاه الأول: وهو القول المتفق بين جمهور الفقهاء في العصر الحديث. والذي أجمع على تحريم صناعة وشراء العملات الرقمية كالبيتكوين وغيرها من العملات غير الرسمية. وعلة هذا الحكم أن العملات الرقمية ليس لها أصل مالي حقيقي.
- الاتجاه الثاني: وهو القول بجواز استخدام العملات الرقمية المشفرة. والعلة في ذلك أن بعض الدول قد اتجهت إلى الاعتراف بها كعملة رسمية في بعض العملات. وأنها وإن لم تكن عملات ملموسة فهي عبارة عن سلة يقبل الناس على استخدامها وتداولها.
- الاتجاه الثالث: وهو التوقف، وذلك بسبب عدم اكتمال الرؤية لدى بعض الفقهاء. خاصة أن تحديد حكم التجارة في العملات الرقمية يتطلب الوقوف على العديد من التفاصيل الهامة. ومن المعروف أن التوقف لا يعتبر حكما شرعيا.
ثانيا: النظر الاجتهادي
وينقسم حكم التجارة في العملات الرقمية من جهة النظر الاجتهادي إلى قسمين، وهما:
حكم التجارة في العملات الرقمية الرسمية
واتجه الفقهاء إلى جواز التعامل باستخدام العملات الرقمية المعترف بها رسميا في كل دولة في حالة أنها أصبحت بديلا رسميا عن العملات الورقية. وإذا خضعت إلى تنظيم البنوك المركزية بإشراف حكومات الدول. وإذا تعهدت الجهات المسئولة بصرف العملات الرقمية بقيمتها من مختلف أنواع البضائع أو من الإنتاج المحلي في كل دولة. والعلة في ذلك الحكم هو القياس على العملات الورقية التي تصدرها البنوك المركزية ويتعامل بها الناس في كل دولة. وأنه بعد انفكاك القيمة الحقيقية لبعض العملات وقبول الناس للتعامل بالعملات الرقمية كأداة نقدية ليس لها غطاء حقيقي قد تتسم بالاستقرار النسبي في سعر السوق.
حكم التجارة في العملات الرقمية غير الرسمية
اتفق الفقهاء على عدم جواز التعامل باستخدام العملات المشفرة غير الرسمية والتي لا تعترف بها حكومات الدول. وذلك بسبب اعتمادها على خلق النقود من اللاشيء. وهو الأمر الذي يعتبر من أوجه الربا. حيث أن التقابض هو من شروط الصرف في الشريعة الإسلامية. وهو يمنع عملية خلق النقود التي تقوم عليها العملات المشفرة. فقد ورد في حديث نبوي صحيح أن الذهب بالذهب والفضة بالفضة والشعير بالشعير. إلى آخره من الحديث النبوي الذي يؤكد على شرط التقابض بالمماثلة والتي تمنع الربا. فالربا وخلق النقود محرمان في الشريعة الإسلامية.
كذلك لأن العملات الرقمية هي أموال متوهمة غير حقيقية. فتتكون ثروة هائلة في يد عدد محدود من الأشخاص الذين يمكنهم فقط إيجاد تلك العملات. وهو ما يعني تحقق الثراء الفاحش لعدد من الناس وفقر كبير لدى البقية. وهو أيضا من الأمور المحرمة في الشريعة كالربا تماما.
الأمر الثالث أن تخليق العملات المشفرة بدون رقابة يؤدي إلى احتكار عدد معين من الأشخاص للعملة. وهو أيضا من الأمور المحرمة في الشريعة لما يسببه من أضرار للمجتمع.
نستخلص من ذلك أن حكم التجارة في العملات الرقمية من مواضع الخلاف بين الفقهاء المعاصرين. وأن هناك بعض الشروط التي يجب توافرها في العملات الرقمية حتى يصبح التعامل بها مباحاُ. ومن أهم تلك الشروط هو التقابض. فلابد عند إجراء أي معاملة باستخدام أي عملة رقمية أن يتم التقابض في نفس الجلسة بدون تأجيل أو تسويف. ومن المحتمل أيضا أن تتجه بعض الدول إلى الاعتراف بالعملات الرقمية بشكل رسمي في التعاملات المالية اليومية. مثلما فعلت دولة اليابان وبعض الشركات الأمريكية مثل شركة مايكروسوفت. فإذا تحقق ذلك وأصبحت تلك العملات رسمية في معظم البلاد فيتحقق بذلك شرط من شروط جواز التعامل بها. وهو أن تكون عملة رسمية معترف بها وخاضعة لرقابة حكومية وإدارة مركزية.