يعد الاستثمار في البورصة من صور الاستثمارات التي أصبحت تجذب آلاف الأشخاص حول العالم، فالكل يبحث عن فرص مضمونة للاستثمار وتحقيق عائدات مادية جيدة من خلال الوسائل الحديثة في الاستثمار والتداول عبر شبكة الإنترنت، لذلك يتجه العديد من الأشخاص إلى البحث عن كيفية التداول في البورصة وكسب الأرباح، خاصة مع انتشار منصات التداول الرقمية التي تتيح لكل شخص فرصة الاستثمار من خلال بضع نقرات صغيرة على هاتفه الجوال.
محتويات
هل التداول في البورصة مربح
لا شك أن النجاح في الاستثمار بشكلٍ عام يحتمل الربح والخسارة على حدٍ سواء، وتحقيق الربح يتطلب العديد من الأمور للنجاح في ذلك، كالفهم الجيد لحالة السوق والمتابعة الجيدة لكل المستجدات والدراسة الجيدة لأدوات الاستثمار المتاحة، كذلك هو الحال في سوق المال، حيث يحتمل التداول في البورصة الربح والخسارة، ولكنه أيضا يعد من الفرص الرأسمالية التي قد تؤدي بصاحبها إلى تحقيق ثروة ضخمة خلال سنوات معدودة، فقط إذا ما تم إدارته بشكل صحيح.
لكي يضمن أي شخص أن ينجح في استثمار الأسهم فعليه أن يتعلم جيدا كيفية التداول في البورصة وكيفية اختيار الأسهم التي تحقق له الربح، بل وتضاعف له أمواله خلال فترة وجيزة، فالاختيار الصحيح للأسهم هو ما يضمن تحقيق الربح، وتعلم أسس التحليل الفني وفهم الرسوم البيانية، وفهم أدوات التداول وطرق استخدامها بشكل صحيح.
لا شك أن كل الاستثمار في البورصة مربح، ولكن يأتي الاختلاف في قيمة العائدات المتوقع تحقيقها من هذا الاستثمار، وكذلك حجم المخاطر المحتملة، فمثلا التداول اليومي يمكن أن يحقق عائدات ضخمة جدا ولكنه في ذات الوقت ينطوي على مخاطر عالية جدا، على العكس يعد التداول الشهري أو قصير الأجل من الاستثمارات التي تحقق عائدات جيدة وبحجم مخاطر أقل، أما الاستثمار طويل الأجل الذي يمتد لسنوات فنسبة المخاطر المحتملة به تكون أقل بكثير حيث يغلب عليه طابع الحذر، فيمنح المتداولين مستوى أكبر من الحماية ضد التقلبات المفاجئة في اتجاهات السوق وتحركات الأسعار.
كيفية التداول في البورصة
قبل البدء في الاستثمار والتداول لابد من معرفة كيفية التداول في البورصة بالتفصيل والإلمام بأدق المعلومات حولها، فالمعرفة هي أساس النجاح في الاستثمار، بعد تعلم كل ما يخص التداول فهناك عدد من الخطوات التي يتم من خلالها بدء التداول على النحو التالي:
أولا: فتح حساب تداول مع شركة وساطة موثوقة
الخطوة الأولى في طريق التداول في البورصة هو العثور على شركة وساطة مالية مضمونة ومرخصة، حيث تعد شركات الوساطة المالية حلقة الوصل بين المستثمر والأسواق العالمية لمتابعة الأسهم وتنفيذ أوامر التداول وتسهيل عمليات سحب الأرباح.
مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أهمية توخي الحذر من الشركات المحتالة التي تعمل على جذب المبتدئين في الأسواق المالية والاحتيال عليهم وسرقة أموالهم، فيجب اختيار شركة معروفة في البورصة ولها سمعة طيبة وحاصلة على تراخيص دولية لضمان عدم التعرض للنصب.
بعد ذلك يتم اختيار نوع حساب التداول المراد فتحه بعد دراسة جميع الاختيارات المتاحة والمقارنة بين مميزات كل نوع، ويتم فتح حساب التداول باستخدام بعض البيانات الشخصية كرقم الهوية الوطنية ورقم الحساب البنكي وعنوان البريد الإلكتروني ورقم الهاتف الجوال.
يتم تحويل قيمة رأس المال المراد بدء الاستثمار به، وعادة ما تتطلب بعض حسابات التداول المناسبة للمبتدئين مبالغ صغيرة لفتح الحساب وبدء الاستثمار، بحيث يمكن لأي شخص تجربة التداول برأس مال صغير بدون المجازفة بكل أمواله حتى يتمكن من اكتساب الخبرة والنجاح في التداول.
ثانيا: اختيار استراتيجية التداول المناسبة
حيث يوجد العديد من استراتيجيات أو طرق التداول، والتي تختلف في بعض الأساسيات، ولكلٍ منها مميزات وعيوب تختلف عن غيرها، فمثلا استراتيجية المضاربة تعد أسرع استراتيجية تداول في البورصة، وهي تناسب المتداول المتمرس الذي يمتلك الخبرة في البورصة، حيث تعتمد على شراء الأسهم حين ينخفض سعرها ثم بيعها بسعر أعلى حسب سعر الطلب، وبالتالي فنسبة المخاطرة في هذه الاستراتيجية عالية وتتطلب مهارة ومعرفة كبيرة بالأسهم.
كما يوجد استراتيجية تداول المركز، وهي تعتمد على الشراء واستخدام الرسومات البيانية طويلة المدى، وتعتمد على التنبؤ بتحركات واتجاهات السوق، فتتراوح مدتها ما بين يوم وحتى شهر وفقا لحالة السوق.
أما استراتيجية التداول اليومي فهي من الطرق المثالية لتنفيذ عمليات الشراء ثم البيع في نفس اليوم. وهي من الاستراتيجيات الأكثر شيوعا في العالم كله. حيث تعتمد على التداول المتأرجح حين يتغير سعر السهم، فيحقق المتداول الربح من فرق السعر بين عمليتي الشراء والبيع.
ثالثا: العثور على فرصة للتداول
بعد فتح حساب التداول ومعرفة كيفية التداول في البورصة واختيار الاستراتيجية المناسبة. يصبح الشخص قادرا على بدء التداول من خلال تحديد الأسهم التي يرغب بشرائها. وكذلك تحديد العدد المطلوب من الأسهم، والدخول عبر منصة التداول وتنفيذ أوامر الشراء.
إن شركات التداول الموثوقة تقدم للمتداول مجموعة واسعة من أدوات التداول التي تساعده على متابعة السوق وتنفيذ الصفقات والدخول والخروج منها بسرعة وسهولة، مثل أدوات التحليل الفني والمؤشرات الفنية المختلفة، وأدوات مسح السوق، وأدوات متابعة اتجاهات السوق وغيرها.
بمجرد اختيار السهم والتركيز عليه يصبح المتداول قادرا على فتح مركزه الأول في البورصة وهو مركز شراء. فحين يتم فتح التداول الأول يمكن أيضا إرفاق الطلبات إلى المركز. حيث يمكن تحديد طلب إغلاق صفقة التداول بشكل تلقائي في حالة تحرك السوق ضد الصفقة بمقدار يتم تحديده مسبقا. أو طلبات إغلاق المركز حين يتحرك السوق في صالح الصفقة.
مميزات وعيوب التداول في البورصة
بالرغم من المميزات والإيجابيات العديدة التي يحصل عليها المستثمر من التداول في البورصة. إلا أنه يوجد أيضا بعض العيوب التي قد يواجهها البعض، فمن أهم مميزات التداول في البورصة ما يلي:
- سهولة شراء الأصول المالية، سواء كانت أسهما أو صناديق استثمارية أو عملات رقمية أو غير ذلك. فيمكن القيام بذلك بشكل فردي عبر شبكة الإنترنت أو من خلال وسيط مالي عبر الإنترنت أيضا.
- لا يتطلب رأس مال ضخم، بل يمكن البدء في التداول باستخدام مبلغ مالي صغير. قد يصل في بعض الأحيان إلى عشرة دولار فقط.
- من أهم ما يتميز به الاستثمار في البورصة هو سهولة توفير السيولة. فيمكن لأي مستثمر القيام ببيع ما يملك من أصول مالية في أي وقت يرغب بذلك. فإذا تعرض المستثمر إلى حالة طوارئ يمكنه تحويل أسهمه أو ما يملك من أصول إلى أموال في بضع دقائق فقط.
- يعد التداول في البورصة من الطرق السهلة والسريعة لكسب الأموال. وذلك من خلال شراء الأسهم حين ينخفض سعرها ومن ثم بيعها بسعر أعلى. أو الاحتفاظ بها والحصول على نسبة من أرباح الشركة كل بضعة أشهر.
أما عن أهم عيوب التداول في البورصة فيمكن اختصارها في النقاط التالية:
- ينطوي التداول في البورصة على نسبة مخاطرة عالية، وخاصة لمن لا يمتلك الخبرة الكافية. فقد يخسر الشخص أمواله بالكامل خلال لحظات نتيجة لقرار خاطئ أو لتقلبات السوق الذي يتأثر بالأحداث السياسية في العالم. وقد ينخفض سعر سهم ما بصورة كبيرة نتيجة لانخفاض القيمة السوقية للشركة أو تعرضها للخسائر أو غير ذلك. وبالتالي يخسر المستثمر أمواله التي دفعها في شراء هذه الأسهم.
- الاستثمار في البورصة كغيره من الاستثمارات يتطلب دفع ضريبة أرباح رأس المال إذا ما قام ببيع أصوله المالية بنسبة ربح.
- يتطلب التداول في البورصة قضاء فترة من الوقت في دراسة السوق ومعرفة الأسهم وفهم أدوات الاستثمار ومؤشرات التحليل الفني وغيرها. وذلك في حالة أنه يقوم بشراء الأسهم بنفسه. أما إن كان مستعينا بوسيط مالي فقد يساعده الوسيط في تخطي كل ذلك خلال فترة وجيزة.
- يحظى سوق المال بمنافسة شديدة جدا، وخاصة انه يضم جميع الفئات من المستثمرين بداية من المبتدئ وحتى حيتان السوق من كبار المستثمرين الذين يتمتعون بخبرة عالية ورؤوس أموال ضخمة، كما يمتلكون أدوات تداول وأنظمة متطورة ونماذج مالية عادة ما لا يمكن للمستثمر العادي امتلاكها، وذلك ما يزيد من حجم المنافسة في البورصة نظرا لتفاوت الإمكانيات بين المستثمرين.
- يتعرض سوق المال إلى الكثير من التقلبات بين لحظةٍ وأخرى. فق يرتفع سعر السهم لثانية ثم ينخفض في الثانية التي تليها. وذلك ما يؤثر بشكل كبير على عاطفة المستثمرين وتجعل مشاعرهم هي المتحكمة في قراراتهم. فقد يؤثر الخوف في بعض الأشخاص بينما يؤثر الطمع في البعض الآخر.
- في حالة تعرض شركة ما إلى الخسارة والإفلاس، فإن أول من يحصل على حقوقه المالية من الشركة هم كبار المستثمرين. أما المستثمرون العاديون من حملة الأسهم القليلة والسندات فعادة ما يكونون آخر من يحصل على أموالهم. ولذلك دائما ما ننصح بالتنوع في المحفظة الاستثمارية وعدم الاستثمار في سهم شركة واحدة لتجنب التعرض لمثل هذه المخاطر.
حكم التداول في البورصة
مع زيادة إقبال الأشخاص العاديون على الاستثمار والتداول في البورصة بهدف تحقيق الأرباح وكسب المال. فتزداد التساؤلات حول حكم التداول في البورصة وإن كان حلال أم حرام. وهنا لابد من توضيح بعض الأمور التي تحدد مدى شرعية الاستثمار في البورصة.
فالاستثمار في البورصة وشراء الأسهم بغرض التجارة وكسب المال أمر في حذ ذاته جائز شرعا ولا حرج فيه ولكن بشروط سوف نوضحها لاحقا، أما شراء الأسهم في البورصة بهدف إيقاع هذه الأسهم وإلحاق الضرر بالغير، فذلك لا يندرج تحت مبدأ التداول بل التلاعب، وهو أمر محرم شرعا ولا يجوز القيام بذلك.
أما الشروط التي تحدد إن كان تداول الأسهم حلال أم حرام فتتضمن نشاط الشركة الذي يجب أن يكون من الأنشطة المباحة، فيجب اختيار أسهم الشركة التي لا تقدم أمورا محرمة ولا تشارك في فساد المجتمع، كالشركات التي تنتج وتبيع الخمور وأدوات القمار ونحو ذلك، فأسهم تلك الشركات محرمة بالإجماع ولا يجوز التداول فيها.
كما يجب تجنب الاستثمار في أسهم الشركات التي تتعامل بالربا، فالربا من الأمور المحرمة بشكل صريح في الشريعة الإسلامية. ولذلك لابد من مراجعة البيانات المالية للشركة المراد شراء أسهمها. والتأكد أولا من خلو تعاملاتها المالية من الفوائد الربوية سواء كانت على شكل قروض بنكية أو غير ذلك.
الجدير بالذكر أن شراء وتداول الأسهم في البورصة ينطبق عليه حكم وجوب الزكاة طالما توافرت فيه شروطها، فإذا امتلك الشخص عددا من الأسهم وبلغت قيمتها النصاب، أي أن الأسهم تقابل قيمتها بالمال ما يعادل 85 جراما من الذهب من عيار 21 وحال عليها الحول، فيجب عليه إخراج زكاة المال من قيمة هذه الأسهم مضافا إليها قيمة العائد السنوي منها في آخر العام بعد خصم مصاريفه الأساسية، وتبلغ قيمة الزكاة ربع العشر من إجمالي المبلغ المذكور.