قبل التطرق إلى حكم تجارة العملات الالكترونية في العراق دعنا أولا نلقي نظرة على ماهية العملات الرقمية في الواقع، خاصة مع وجود الآلاف منها في الوقت الحالي والإقبال المتزايد على استخدامها كأداة من أدوات التجارة والاستثمار وكسب الأموال، فخلال سنوات معدودة انتشرت آلاف من تلك العملات التي كانت بدايتها انطلاق عملة البيتكوين التي تعتبر أصغر وحدة رقمية موجودة ولكن بشكل افتراضي وليس لها وجود فعلي ملموس.
محتويات
حكم تجارة العملات الالكترونية في العراق
نشأة العملات الالكترونية جاءت في العصر الحديث منذ نحو عشر سنوات تقريبا، ولذلك فلا يوجد نصح صريح يخص البت في أمر تلك العملات ومدى جوازها أو تحريمها، فليس من الواضح بشكلٍ كاملٍ أمام جمهور العلماء وأئمة الفقه في العصر الحديث كافة البيانات التي تساعدهم في تحديد حقيقة تلك العملات الافتراضية، ولذلك نجد الكثير من التباين في آراء العلماء بشأنها، خاصة وأن كلها آراء اجتهادية ليس لها استنادات صريحة حول حكم تجارة العملات الالكترونية في العراق.
وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية فالعملة هي أي شيء ذو قيمة، ومن الطبيعي أن قيمة العملة لا تتقلب بسرعة، وهو ما يضمن استخدام العملات في التبادل مع سلع أخرى بقيمة مماثلة، وبناءً على ذلك يمكن اعتبار القمح على سبيل المثال عملة لأنه ذو قيمة، وبالتالي يمكن تبادله مع أي سلعة أخرى لها نفس القيمة. وعلى مر العصور ظهرت العملات النقدية والتي أصبحت هي وسيلة التبادل المعروفة في العالم كله، وبالرغم من كونها مصنوعة من أوراق ليس لها قيمة جوهرية؛ إلا أن قيمتها الحقيقية تكمن في تصنيف تلك الأوراق وفئاتها.
حكم تجارة العملات الإلكترونية الافتراضية
ومع التطور التكنولوجي ظهرت العملات الإلكترونية الافتراضية والتي هي عبارة عن شكل رقمي للعملات يتم تطويرها عن طريق تشفير بعض البيانات، ومن هنا جاء الاختلاف بين الفقهاء، فهناك من يرى أنها تتماشي مع المفهوم الإسلامي للعملات كوسيلة للدفع والتبادل، بخلاف أنها ليست مصنوعة من الورق وتستند على التشفير الرقمي وتخزين البيانات، وهناك من يرى أن تلك العملات ليس لها وجود واقعي وبالتالي لا يمكن استخدامها في التقابض التي هي شرط صحة المعاملات المالية في الإسلام.
وهناك من يرى بحرمانية الاستثمار في العملات الالكترونية بالاستناد إلى قول الإمام ابن تيمية بأنه حين يتم تداول الأموال بقصد الربح والاستثمار، فذلك أمر مخالف للمقاصد الثمانية للمال، ولذلك فقد حرمت الشريعة الإسلامية الفائدة، وهذا هو أيضا المنطق الذي يدفع الكثير من العلماء إلى تحريم العملات الالكترونية لكونها تنتهك مبادئ التمويل في الإسلام، فتلك العملات الافتراضية شديدة التقلب، مما يؤدي إلى كسب أرباح باهظة أو تكبد خسار فادحة لأصحابها، وبالتالي فهي عبارة عن أداة استثمارية وليست عملة.
حكم تعدين العملات الإلكترونية
تعدين العملات الإلكترونية مثل البيتكوين وغيرها هو عبارة عن عملية التحقق من المعاملات التي تتم عبر تقنية البلوكتشين. حيث يقوم العمال في مناجم البيتكوين والذين يقومون بالتحقق من نجاح تلك المعاملات بتقديم خدمات للمستخدمين. إلى جانب توفير مستوى من الأمان لشبكة البلوكتشين. ومن ثم يتم مكافأتهم على تلك الجهود. وبالتالي فذلك الأمر ليس به أي شبهة حرام. ولكن عملة البيتكوين في حد ذاتها هي التي موضع خلال فين العلماء. وذلك لسببين رئيسيين:
- الأول هو أن عملة البيتكوين وغيرها من العملات الإلكترونية ليست مدعومة بشكل قانوني من حكومات الدول. لذلك فجميع جوانب تلك العملات بما فيها تعدين البيتكوين وغيره هي حرام لعدم وجود تشريع حكومي له.
- الثاني وهو أن عملية تعدين البيتكوين تستهلك الكثير من الطاقة والموارد وهو ما يضر بالبيئة ولا يعود بالنفع على المجتمع، وبالتالي فهو حرام.
وبناءً على ذلك فإن حكم تجارة العملات الالكترونية في العراق هو حرام بإجماع العلماء طالما أن الدولة لم تسمح بذلك بشكل رسمي وقانوني. فهذا هو من أهم شروط جواز التعامل بتلك العملات الافتراضية بحسب رأي العلماء المعاصرين. حيث اتجهت بعض الدول إلى الاعتراف بعملة البيتكوين كوسيلة للدفع الإلكتروني للمعاملات التي تتم عبر شبكة الإنترنت. كما قامت بعض الدول بتقنين تداول العملات الرقمية. وسمحت باستخدامها في إطار قانوني بشروط معينة. مثل دولة السلفادور التي أصدرت قرارًا بذلك عام 2021م.
أهم العملات الالكترونية
منذ سنوات ليست ببعيدة ظهرت اول عملة رقمية مشفرة. ثم توالى بعد ذلك ظهور المئات بل الآلاف من تلك العملات. وبالرغم من كثرتها إلا أنه يوجد بعض العملات التي تتميز بقمة سوقية وسعرية أعلى من غيرها. ومن أشهر العملات الرقمية المشفرة ما يلي:
- عملة البيتكوين Bitcoin: وهي أول عملة رقمية مشفرة تم إنشائها عام 2009م. وتعتبر أشهر العملات الإلكترونية على الإطلاق، وأكبرها وأضخمها من حيث القيمة السعرية وحجم التداول.
- عملة إيثيريوم Ethereum: وتم إصدارها عام 2015م. وتتمتع بشهرة واسعة وحجم تداول كبير نظرا لقدتها على تشغيل التطبيقات اللامركزية والعقود الذكية.
- عملية بينانس كوين Binance Coin: وتم إطلاق هذه العلمة عام 2017م. وأصبحت تستخدم كعملة أساسية في منصة التداول الخاصة بشركة بينانس للوساطة المالية.
كيف يمكن بدء تجارة العملات الالكترونية في العراق بطريقة مشروعة
بعد معرفة حكم تجارة العملات الالكترونية في العراق قد يتساءل البعض عن طريقة يمكن من خلالها الاستثمار في العملات الرقمية ولكن بطريقة تتوافق مع الشريعة الإسلامية. ويمكن بالفعل تحقيق ذلك إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار كل الأمور التي تخالف الشريعة والعمل على تجنبها بشكل كامل. ثم تنفيذ الخطوات التالية:
- البحث عن شركة وساطة مالية تقدم خدماتها في دول الشرق الأوسط والعراق على وجه التحديد.
- التأكد من صحة تراخيص الشركة ومن كونها شركة موثوقة ومضمونة وتقدم خدمات تجارة العملات الالكترونية في العراق.
- فتح حساب للتداول مع الشركة على أن يكون حساب تداول إسلامي خالي من أي عمولات أو فوائد أو شبهات للربا.
- يتم اختيار منصة التداول التي تتيح تداول العملات الالكترونية على حساب التداول الإسلامي لكي يكون التداول متوافق مع حكم تجارة العملات الالكترونية في العراق.
- وضع استراتيجية للتداول بعد دراسة السوق واختيار العملات المرغوب بالاستثمار فيها، مع ضرورة الالتزام بالاستراتيجية لضمان تحقيق النجاح المطلوب في تلك التجارة.
- اختيار أدوات التداول التي سوف تستخدم في التداول. ثم تصفح أسعار السوق الحالية من حيث الشراء والبيع. ثم اتخاذ أولى الخطوات وبدء صفقة التداول.
- من الضروري تذكر أهمية الاطلاع الدائم والمستمر على حالة سوق المال ومراقبة التقلبات التي تحدث به بشكل سريع للغاية.
- لابد من التمتع بمرونة عالية تجاه تلك التقلبات والأخبار الخاصة بتغيرات الأسعار وتعلم كيف يتم استغلالها بشكل صحيح لصالح الاستثمارات الخاصة. مع ضرورة عدم التسرع في اتخاذ أي قرارات نظرا للتقلب الشديد الذي يتسم به هذا السوق. فقد تختلف اتجاهات السوق في طرفة عين.
- كما يجب اتخاذ القرارات وفقا لدراسة وتفكير عقلاني وعدم التأثر بالعاطفة أو المشاعر والرغبة في تحقيق حلم الثراء السريع. والذي قد ينتج عنه خسارة رأس المال بالكامل. وخاصة بعد معرفة حكم تجارة العملات الالكترونية في العراق. فلابد من تحكيم العقل قبل البدء في هذه التجارة.